شـــفــاعة الـــقـــدّيـــســـيـــن هل هي حقيقة؟

27/07/2023

هي حقيقة واقعيَّة يعيشها أبناء الكنيسة كإيمان حيّ يلمسون آثاره العمليّة في حياتهم يوميًّا


فالقدّيسون المنتقلون إلى السماء ليسوا هم الجزء الميت من الكنيسة، وإنّما هم قلب الكنيسة النابض، والأعضاء الحيّة الفَعّالة داخل جسد المسيح السِرِّي


 القدّيسون حاضرون في الكنيسة على الدوام


تَرفع لهم الكنيسة الأيقونات الجميلة وتقيم لهم التذكارات والأعياد والتماجيد، وتتشفّع بهم، وتكرّم رفاتهم، وتقتدي بآثارهم، وتستنير بمنهجهم الروحيّ.. عملاً بقول الإنجيل


"انظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثّلوا بإيمانهم"

(عب ٧:١٣)


والقدّيسون إنجيليّون في منهجهم، فهم أحبّوا الكتاب المقدّس وحفظوه، ولهجوا فيه ليلاً ونهارًا، وشرحوه بحياتهم وسلوكهم قبل كلماتهم، أي أنّ الَّذي يريد أن يفهم كيف يعيش الوصية الإلهيّة يستطيع أن ينظر للقدّيسين فيجدها مُنَفَّذة عمليًا في حياتهم.. فهم بذلك يسندون إيمان الكنيسة بعيدًا عن فلسفة الكلام والحفظ الحرفي فقط للوصيّة


والقدّيس صار قدّيسًا، ليس لأنَّه عمل بعض المعجزات، ولكن لأنّ وصيّة الإنجيل كانت مُطَبَّقة في حياته


فالَّذي يعيش الوصيَّة هذا هو القدّيس.. والذي يغرس نفسه على مجاري مياه النعمة الإلهيّة ويتقّدس بالصلاة والكلمة والأسرار سوف يتفاعل الروح القدس داخله، فتتقدّس حواسه ومشاعره وأفكاره وطاقاته بل وحياته كلها.. ويصير قدّيسًا..


والقدّيسون عندما يسيرون مع الله وتنكشف لهم أسرار حُبّه وجماله الفائق، يشتاقون أن يتمتّع كل العالم معهم بعِشرة الله التي تفوق الوصف، ويشتهون خلاص كلّ نفس من سلطان العدوّ ودخولها في الملكوت الإلهيّ المفرّح للقلب.. من أجل هذا فهم يصلُّون دائمًا من أجل خلاص العالم.. ويتشفَّعون من أجل الخطاة لتدركهم المراحم الإلهيّة.. ويبذلون كلّ جهدهم في حَثّ الغافلين والمتمرِّدين على التوبة من أجل حياتهم الأبديّة


وفي هذا نجد أنّ القدّيسين الَّذين تحرّروا من رباطات الجسد يكونون أكثر نشاطًا وقوّة في خدمة النفوس الشاردة، من الخدّام الذين لا يزالون في قيود الجسد، بطاقاتهم المحدودة


وأخيرًا، القدِّيسون هم عائلتنا الروحيّة الَّتي نحيا وسطها.. هم سحابة الشهود التي تظلِّلنا (عب ١٢:١)، وهم الأنوار التي تحيط بنا وتشجِّعنا على الجهاد والثبات في الطريقّ الضيّق.. هم أعضاء معنا في جسد المسيح السرّي، يسندون ضعفنا، ويرشدوننا بخبراتهم.. يصلُّون لأجلنا، ويفرحون بتوبتنا ونموّنا الروحيّ.. إنّنا سعداء بإنتمائنا لهذه العائلة العظيمة، المترابطة في جسد واحد رأسه المسيح، ونحن جميعًا لنا شرف العضويّة المقدّسة فيه



خادمة الربّ ن. غ

® خدّام الربّ