تأمّل عــــن الفـــردوس

07/08/2023

وأخبركم يا أخوتي أنه عند دخولي الفردوس رأيتُ أفراحاً عظيمة ، قد نوت من شجرة المعرفة التي بها عرف الخير من الشر ، وقلت للملاك هل هذه هي الشجرة التي أوجدها الربّ في وسط الفردوس ومنها أخذت حواء وأطعمت آدم فقال نعم هي

وبينما هو يكلِّمني وإذا بعذراء تمشي في الفردوس ، ومعها أربع ملائكة وهم يسبِّحون ويمجِّدون ، فقلتُ للملاك : من هذه الفتاة؟

فقال لي : هذه هي مريم العذراء والدة الإله، قد دنوتُ منها حتّى شاهدتها تماماً ، فقالت لي طوبى لك يا أثناسيوس ، وطوبى لكلّ من يؤمن بما رأيته وقال لي واحد من الملائكة الَّذين كانوا معها لمن تنظر هذه هي مريم العذراء الَّتي ولدت الخلاص لكلّ من آمن به ثم قال لي الملاك أصبر قليلاً حتّى تفارق العالم وتكون ها هنا إلى آخر الدهور

وبينما الملاك يكلِّمني فنظرتُ وإذا ثلاثة شيوخ يمشون في الفردوس وأربعة ملائكة يمشون معهم ، فسألتُ الملاك وقلتُ له من هؤلاء المقبلين

فقال لي الملاك هؤلاء آباء الشعوب إبراهيم وإسحق ويعقوب فقالوا لي بفم واحد السلام لك ثمٍ قالوا طوبى لك وطوبى للَّذين يحفظون وصايا الله ويؤمنون بكلمته فإنَّهم يرثون ملكوت السماوات وهوذا نحن نقول لك بين يدي المسيح الذي أنت تكرز بإسمه في كلّ وقت أنّنا نخدم المؤمنين كما تخدم الآباء البنين

فبينما هم يتكلَّمون بهذا وقد نظرتُ أثني عشر رجلاً في موضع عظيم ، فسألتُ الملاك وقلتُ له : من هؤلاء؟ فقال لي هؤلاء هم الأسباط الإثني عشر راؤبين وأخوته ويوسف الذي بيع فقال لي يوسف أنا أقول لك أني صرت إلى هذا الموضع لأنَّ أخوتي فعلوا بي ما فعلوه ولم أرد بهم شراً قط فلهذا أقول لك طوبي لك يا أثناسيوس وطوبى للرجل الذي يصبر علي الظلم والإضطهاد من أجل الله فإنّ الربّ يجازيه ها هنا سبعة أضعاف

وبينما هو يكلِّمني بهذا وقد نظرتُ إلى آخر وملائكة بين يديه يسبِّحون ويمجدون فسألت الملاك وقلت له من هذا الحسن المنظر فقال لي هذا موسى النبي الذي أعطاه الله الناموس ، فلما نظر إليَّ بكى ثمّ قال لي : إبكي معي يا أثناسيوس ، لأنّي زرعت شجرة وتعبت فيها تعباً شديداً وهي بني إسرائيل لأنهم إذا فارقوا العالم وأتوا ها هنا فلم توجد فيهم ثمرة صالحة وقد صاروا مثل غنم ليس لها راع وكل التعب الذي تعبته صار كمثل لا شئ وبدون منفعة وأنا متعجب لأن الأمم الغريبة التي لم يكن لها معرفة قد دخلت ملكوت السموات وأما إسرائيل فلم يعرف أن يدخل ملكوت السموات ، وهذا كله من أجل ذلك اليوم الذي صلبوا فيه المسيح إبن الله الذي خلق الكل وأعطاني الناموس وصار من أجلنا مصلوباً

وكان أجناد الملائكة وإبراهيم وإسحق ويعقوب وجميع القدِّيسين لما رأوا إبن الله وهو معلّق على عود الصليب كانوا ينظرون إلى الناموس ويقولون لي أنظر يا موسى كيف عمل شعبك بإبن الله ، وكذلك أقول لك يا أثناسيوس طوبى لك وطوبى للجيل الذي يقبل قولك ويؤمن به

وبينما هو يكلِّمني وقد جازوا إثني عشر رجلاً فلمَّا نظروا إليَّ قالوا لي أنت أثناسيوس؟ فقلتُ نعم فسألتهم وقلت لهم من أنتم فقال واحد منهم : أنا أشعياء النبي الذي نشرني بنو إسرائيل بمنشار الخشب وقال لي آخر أنا إرميا النبيّ الَّذي ذبحني بنو إسرائيل ومنهم من قال أنا حزقيال النبيّ الَّذي جرَّني بنو إسرائيل على الحجارة فوق الجبال حتّى فصلت رأسي من جسدي وكل هذه الأوجاع الَّتي أصابتني منهم كنت أشتهي أن يخلصوا من خطاياهم ومع هذا العمل الَّذي عملوه معي فقد طرحتُ نفسي أمام الله وصرتُ أصلِّي لله الليل والنهار من أجلهم لكي يرثوا الحياة الأبديّة ولم يريدوا ذلك

وبعد هذا جاء ميخائيل رئيس الملائكة وأقامني من على الأرض ومن أجل ذلك أقول لك طوبى لك وطوبى للأمم الَّذين يؤمنون بما رأيته

تابعـــــــــــوني

أذكـــــروني فـــي صلواتكـــم وصلُّـــوا مــن أجــــل ضعفـــي


 

خادمة الربّ ن. غ

® خدّام الربّ