يا ربّ (الجزء الرابع)

أريد أن أجلس مع ذاتي لمحاسبة ذاتي دون تهاون ودون محاباة ودون تدليل بل هي محاسبة في منتهى الحزم والجدِّيَّة وذلك لإخراجها من داءرة الإنشغالات والتوهان

إنَّها الآن ليقظة روحيّة وغيرة مقدّسة ومحبَّة لذاتي ووجوداً مع الله لأتكلَّم معه وأحدِّثه عن المعطلات الَّتي واجهتني في مسيرتي نحو لقائه ولكي أناجيه وأتوسَّل إليه أن يسند ضعفي ويقوِّيني لأتبارك منه

أريد يا ربّ أن أشكو لك عن هذه الثنائيَّة العجيبة الَّتي تلازمني في مسيرة حياتي الخير والحلال الَّذي بداخلي يتصارعان مع الشرّ والحرام دون هوادة وصرتُ أنا وذاتي الضحيَّة بينهما

يا ربّ، أنا كلّ ما آتفرّغ للجلوس مع نفسي لمحاسبتها يجالسنا الشيطان ليحيدني عن الطريق بمشغوليّات عالميَّة لا تنتهي ولقد مضي الآن عاماً كاملاً وأنا ضحيَّة هذا الصِّراع وما من منقذٍ إلّا قوَّة تفوق قوَّة البشر فهل لك أن تجلس معنا لينسحب عدوّ الخير ملازمنا وجليسنا لتصير هذه الجلسة مقدَّسة لِأُعاهِدُكَ عهوداً مقدَّسة لا رجوع ولا نكوص فيها؟

أحتاج إليك بشدّة يا معلّمي، أنا التلميذ الفاشل الميؤوس منه

يا رجاء من ليس له رجاء ومعين من ليس له معين

أريد أن أجلس مع ذاتي والله الحال في ذاتي لأحاسبها بدقَّة لأختار لها البركة لا اللعنة كي تحيا بدلاً من ان تموت فأنا الإنسان الروحيّ البريء البسيط الَّذي لا يعرف الخطيئة على الإطلاق قبل السقوط

لتكن حياتي مباركة وسلوكاً في القداسة والبرّ ولا رجوع إلى الوراء إن شئت يا سيّدي القدّوس

وسوف أجعلكَ أنت أوّلاً في أولويَّات حياتي خادماً مطيعاً لأوامر سيّده

لتضيع حياتي كلَّها كي أجدها في الملكوت متخلِّياً عن كلّ شيء يربطني بهذا العالم واضعاً ذاتي اخيراً والله أوّلاً

علِّمني يا ربّ أن أشبع الناس من كلامك وأبشِّر المساكين وأعصب منكسري القلوب وأبيع كلّ مالي لأخرج من دائرة ذاتي باذلاً نفسي للآخرين لأتبعك بالحقّ

لا تتركني يا إلهي القدّوس مستقلًّا بذاتي بل تضع يدك فوق يدي لنعمل سويًّا

ليكون عملنا مقدَّساً ونحارب سويًّا عدوّي وعدوّك ،فعدوّنا نحن الإثنين واحداً وهو الشيطان الَّذي يهابك ولا يهابني

يا رب يا إلهي يا سيّدي يا معلّمي يا قائدي ومرشدي

أرجوك أتوسّل إليك إجعل حياتي كلّها مصالحة بيني وبينك يا سيِّدي فرحاً وتهليلاً سمائيًّا برجوع إبناً ضالًّا لحضن أبيه

يا أبي الٌّذي في السماوات إجعل حياتي من الآن بداية تحدِّي وإنتصار ضدّ كلّ شرّ وشبه شرّ في حياتي لأكون من الغالبين آكلاً من شجرة الحياة حتّى أصير عاموداً في هيكل الله ويُكتَب إسمي في سفر الحياة

خادمة الربّ ن. غ

® خدّام الربّ